اقتصاد تقرير دائرة المحاسبات: خروقات الخارجية وحقيقة الهبة الصينية
عرضت مؤخرا دائرة المحاسبات تقريرها السنوي الثامن والعشرين للسنة القضائية 2012-2013 والذي تطرقت فيه الى أبرز التجاوزات وسوء التصرف في المال العام لعدد من المؤسسات العمومية والوزارات وكشفت الدائرة في تقريرها عديد الحقائق الخطيرة والهامة
أخبار الجمهورية ارتأت تسليط الضوء على بعض التجاوزات التي رصدتها دائرة المحاسبات ومن المنتظر ان نتطرق في كل اسبوع الى بعض هذه الملفات .. اخترنا أن تكون البداية بملف وزارة الشؤون الخارجية التي خصصت لها الدائرة جزءاً مهما، كما سنتطرق في هذه الصفحة الى قائمة الأحزاب والقائمات المطالبة بارجاع منحة الترشح لانتخابات 2011.
وزارة الشؤون الخارجيّة
خصّ التقرير الأخير لدائرة المحاسبات جزءا مهمّا الى وزارة الخارجية، وتبيّن من خلال الدراسة التي قام بها فريق رقابي وجود عديد الاخلالات والتجاوزات. ومن بين النقاط التي أشار اليها التقرير ضعف الدراسات والبحوث التحليلية والاستشرافية المنجزة في الميادين الديبلوماسية والعلاقات الدولية، حيث اقتصرت على بعض المذكّرات البحثية التي اعدّها المعهد الديبلوماسي للتكوين والدراسات لفائدة الوزارة.. وذكر التقرير انّ الوزارة لا تتولّى اعداد برامج عمل سنوية تحدّد الأنشطة المزمع انجازها في مختلف مجالات التعاون في اطار سياسة تونس الخارجية كما لا تقوم بإعداد تقارير نشاط سنوية مفصّلة عن انشطتها وهو ما لا يمكّن من متابعة انجازها للمهام الموكلة اليها..
وجاء في التقرير أن الوزارة صادقت من سنة 1956 والى غاية 2012 على 3785 اتفاقية تمّ ابرامها مع 134 دولة ودخلت منها 3559 اتفاقية حيز التنفيذ.. واتضح انّ الوزارة لم تضع الآيات الكفيلة لإحكام متابعة وتقييم مستوى تنفيذ الاتفاقيات بالتنسيق مع مختلف الأطراف المتدخّلة.
انتدابات لا تراعي مبدأ الشفافية والمساواة
أمّا بخصوص التصرّف في الموارد البشرية فجاء في التقرير انّ الوزارة اعادت انتداب أعوان دون مراعاة التراتيب الجاري بها العمل، حيث تمّت الموافقة على ارجاع 18 عونا من مجموع 26 عونا كانوا يعملون بالوزارة وغادروها بمقتضى الاستقالة أو العزل وتقدّموا بمطالب لارجاعهم للعمل وتمت الموافقة خلافا لرأي رئاسة الحكومة التي أكدت انه لا يمكن ارجاع هؤلاء الأعوان الا في اطار تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الادارية القاضية بالالغاء أو بعد الحصول على شهادة في اطار العفو التشريعي العام.. وأشار التقرير الى ان بعض الخطط بقيت شاغرة لفترة ناهزت الثلاث سنوات..
ومن بين النقاط الأخرى التي جاءت في التقرير بعض الانتدابات في صلب الوزارة التي لم تراع مبادئ الشّفافية والمساواة حيث يتمّ ذلك دون اجراء اختبار ودون الإعلان عن حاجة المراكز لهذه الانتدابات.
وأكدت دائرة المحاسبات انّ وزارة الخارجية لم تمكّنها من عديد الوثائق التي طلبتها في عديد المناسبات وخاصّة الوثائق المتعلّقة في التصرّف في الأموال العمومية.
سوء تصرف في الموارد المالية واثقال لكاهل ميزانية الدولة
وبخصوص الموارد المالية فذكر التقرير انّ ميزانية وزارة الشؤون الخارجية زادت من 104 مليون دينار سنة 2008 الى 153 مليون دينار سنة 2012.. وذكرت دائرة المحاسبات انّ الوزارة مكنت عديد الأعوان من سيارة مصلحة بصفة ثانوية لأغراض شخصية وبحصص وقود وذلك في غياب تأشيرة مراقب المصاريف العمومية.. وعلى صعيد آخر تتكفل الوزارة بنفقات اسكان الأعوان المباشرين ببعض المراكز بالخارج من غير السفراء والقناصل العامين والقائمين بالأعمال المسيّرين لبعثة ديبلوماسية، وبلغت المصاريف بهذا العنوان خلال الفترة 2009 ـ 2012 ما قيمته 14،459 مليون دنيار. من ناحية أخرى تبيّن استغلال جزء من مقرّ القنصلية التونسية بكل من تولوز وبنغازي كمحل سكنى للقنصل دون خصم منحة السكن من الأجر.. وهو ما يحمل الدولة سنويا ودون موجب حق حوالي 12 ألف أورو بالنسبة الى القنصل بتولوز وبالنسبة للمهمّات بالخارج خلال 2009 ـ 20١2 بلغت الاعتمادات المخصصة ما معدّله 402،50٠ ألف دينار سنويا وتبين وجود متخلّدات بذمّة الوزارة بعنوان مصاريف المهمّات بالخارج بلغت سنة 20١2 ما قيمته 20٠ ألف دينار.
من جهة اخرى تبين تحميل الوزارة لميزانية الدولة مصاريف مشطّة بعنوان اقتناء تذاكر لبعض المهمات حيث يتمّ اتباع مسار غير مباشر للرحلة وأكثر سعرا كما لوحظ تمتيع بعض الأعوان بالدرجة الأولى أو بدرجة «أعمال».. اضافة الى تجاوز الوزارة للكلفة الحقيقيّة للسكن في بعض الحالات خمسة أضعاف الكلفة القصوى المسموح بها.
الهبة الصّينية
فيما يخصّ التصرّف في الهبة الصّينية المقدّرة بواحد مليون دولار أمريكي والمتعلّقة بالمنتدى العربي الصيني، فانّ المفكّرة الصادرة عن ديوان الوزير بتاريخ 7 جوان 2012 اي بعد انعقاد المنتدى والتي تضمّنت المسائل التي تمّ التطرّق اليها خلال الاجتماع التحضيري بين الجانبين الصيني والتونسي بيّنت خاصّة انّ المسؤول الصيني شدّد على ضرورة تعهّد الجانب التونسي بعدم الكشف عن المساعدة او الدعوة الي توقيع اتفاق بشأنها.. وعلى اثر هذه المذكّرة أرسلت الوزارة بتاريخ 23 جوان 2012 معطيات الى سفارة جمهورية الصين الشعبيّة بتونس تعلّقت بالمستفيد وهو رقم الحساب «خارجية خاصّة» المفتوح لدى احد فروع الشركة التونسية للبنك، وبتاريخ 18 جويلية 2012 تم اعلام الوزارة من قبل بنك «أوف تشاينا» بتحويل كامل مبلغ الهبة الى الحساب المذكور..
ويعتبر حسب تقرير دائرة المحاسبات تحويل وتنزيل الهبة الصينية بالحساب «الخارجية خاصّ» مخالفا لأحكام القانون الأساسي للميزانية اذ يتعلق الأمر بهبة خارجية كان ينبغي ان تمرّ عبر حساب أموال مشاركة وفقا لما ينصّ عليه الفصل 19 من القانون الأساسي للميزانية كما انّ هذا التنزيل لا يتطابق مع أحكام مجلة المحاسبة العمومية خاصّة في فصليها 55 و58 وكان يتعيّن على الوزارة احترام الاجراءات القانونية المتعلّقة بتنزيل الهبات في كنف الشّفافية مع الحفاظ على السرية المطلوبة من الجانب الصيني.
وتجدر الإشارة الى انّ وزارة الخارجية لم تقم بتحويل مبلغ الهبة الي الحساب الجاري للخزينة المفتوح لدى البنك المركزي الا بعد توجيه وزير المالية لطلب في الغرض بتاريخ 25 أكتوبر 2012 وقد تمّ بتاريخ 31 ديسمبر 2012 تحويل 1،617 مليون دينار من حساب «الخارجية خاصّ» لدى الشركة التونسية للبنك الى أمين المال العام وتنزيله بتاريخ 4 جانفي 2013 بحساب أموال المشاركة عدد2 «حساب تنظيم التظاهرات الدولية بتونس» وبذلك اصبح هذا المبلغ يخضع للقواعد والاجراءات المجدّدة بمجلة المحاسبة العموميّة وبالقانون الأساسي للميزانية .
وبالنظر الى التجاوزات التي رصدها دائرة المحاسبات بخصوص عمليّة تنزيل الهبة الصينية فيبدو انّ المعلومات المضمّنة بالتقرير ستكون مهمة وذلك بالنظر الى علاقة هذه المعطيات بملف الهبة الصينية المنشور أمام القضاء والمتهم فيه وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام بالاختلاس حيث رفعت ضد عبد السلام شكاية جزائية من قبل المدونة ألفة الرياحي اتهمته فيها بالفساد واهدار المال العام في ما عرف بقضية الشيراتون غايت والهبة الصينية..
وبالتمعّن في مضمون التقرير بإمكاننا طرح أكثر من سؤال أهمّه لماذا تمّ تغطية نفقات الملتقى العربي الصيني من حساب «تنظيم التظاهرات الدولية بتونس» والحال انّ الصين قامت بايداع هبة من أجل تلك التظاهرة في حساب «الخارجية خاصّ» ولو فرضنا انّ الهبة الصينية تمّ ايداعها بعد انتهاء موعد الملتقى فلماذا تمّ تنزيلها بحساب «الخارجية خاص» عوض ايداعها بخزينة البنك المركزي؟ والسؤال الأخير هو لماذا لم يتمّ اعادة مبلغ المؤتمر بمجرد وصول الهبة ولماذا انتظرت الوزارة الى حين وصول الهبة ولماذا انتظرت الوزارة الى حين وصول تنبيه من قبل وزير المالية لتحويل المبلغ الى حساب التظاهرات الدولية؟ معطيات كثيرة كشفها تقرير دائرة المحاسبات الأكيد سيكون لها تأثير على مسار القضيّة..
هذه قائمة الأحزاب والقائمات المطالبة بإرجاع منحة الترشح في انتخابات 2011
أصدرت دائرة المحاسبات تقريرها العام وقد تضمن جزء منه نتائج مراقبة تمويل الحملة الانتخابية، وجاء في تقرير لجنة التشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي المتعلق بمشروع القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء أن 18 بالمئة من القائمات التي ترشحت وتحصلت على المنحة لم تتحصل على 3 بالمئة من الأصوات اي انها لم تستجب لشرط العتبة ولم تمتثل لأمر وزارة المالية بارجاع المال العمومي وكان الفصل 53 من المرسوم عدد 35 من سنة 2011 نص على أن كل قائمة لا تحصل على 3 بالمئة على الاقل من الاصوات المصرح بها على مستوى الدائرة الانخابية مطالبة بارجاع نصف مبلغ المنحة .
وتبيّن أن 911 قائمة انتفعت بالقسط الثاني من المنحة ولم تحصل على نسبة تعادل او تفوق ال3 بالمئة من الاصوات المصرح بها ويقدر المبلغ الجملي المستوجب ارجاعه بما قيمته 2،976،862د من ضمنه 1،386،675د اي ما يقارب 47 بالمئة متخلد بذمة 66 حزبا سياسيا (430 قائمة)
وهذه قائمة الأحزاب والقائمات حسب جدول أمناء المال الجهويين وما توفر من كشوفات الحسابات البنكية:
• حزب القطب الديمقراطي الحداثي: دائرة نابل 1: مطالب بارجاع 3،075،000 : نسبة التصويت 2،9 بالمئة
• حزب آفاق تونس: دائرة المنستير: مطالب بارجاع 3،475،000: نسبة التصويت 2،4 بالمئة
• حزب الشموخ: دائرة المنستير: مطالب بارجاع 3،475،000: نسبة التصويت 2،3 بالمئة
• حزب القطب الديمقراطي الحداثي: دائرة منوبة: مطالب بارجاع 2،737،000: نسبة التصويت 2،3 بالمئة
• حركة الديمقراطيين الاشتراكيين «المؤتمر السابع»: دائرة توزر : مطالب بارجاع 1،050،000: نسبة التصويت 1،6 بالمئة
• حزب الوفاء لدماء الشهداء : دائرة تطاوين: مطالب بارجاع 1،522،500: نسبة التصويت 1،2 بالمئة
• حزب الاصلاح والتنمية: دائرة الكاف : مطالب بارجاع 2،870،000: نسبة التصويت 1،2 بالمئة
• حزب الوفاء : دائرة مدنين : مطالب بارجاع 3،350،000: نسبة التصويت 0،9 بالمئة
• قائمة التآلف الجمهوري: دائرة سوسة : مطالب بارجاع 4،537،000: نسبة التصويت 0،5 بالمئة
• حزب بنزرت الأم: دائرة بنزرت: مطالب بارجاع 5،275،000: نسبة التصويت0،4 بالمئة
• حزب التقدميين الحداثيين المستقلين : دائرة زغوان: مطالب بارجاع1،767،000: نسبة التصويت 0،4 بالمئة
• حزب الاصلاح والتنمية : دائرة بنزرت: مطالب بارجاع 5،275،000: نسبة التصويت 0،3 بالمئة
• حزب بلدي الحبيب: دائرة منستير: مطالب بارجاع3،475،000 : نسبة التصويت 0،3 بالمئة
• قائمة الربيع : دائرة القيروان: مطالب بارجاع4،137،500 : نسبة التصويت 0،3 بالمئة
• الائتلاف الديمقراطي المستقل طريق السلامة : دائرة زغوان : مطالب بارجاع 1،767،500: نسبة التصويت 0،3بالمئة
• قائمة الشعب يريد الحياة الآمنة: دائرة تونس 1: مطالب بارجاع 4،200،000: نسبة التصويت 0،3 بالمئة
• الإئتلاف التحرري: دائرة المنستير: مطالب بارجاع 3،475،000: نسبة التصويت 0،1 بالمئة
سناء الماجري